من التاريخ

سيرة الإمام المهديّ عليه السلام عند قيامه

الشيخ المفيد "قدّس سرّه"

فأمّا سيرته عليه السلام عند قيامه، وطريقة أحكامه، وما يبيّنه الله تعالى من آياته، فقد جاءت به الآثار:

* فروى المفضّل بن عمر الجعفيّ، قال: «سمعتُ أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: إذا أَذِنَ الله عزّ اسمُه للقائم في الخروج صعدَ المِنبرَ، فدعا النّاسَ إلى نفسِه، وناشدَهُم بِالله، ودَعاهُم إلى حقِّه، وأنْ يَسيرَ فيهم بِسيرةِ رَسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويَعملَ فيهِم بِعملِه، فيبعث الله جلَّ جلالُه جبرئيلَ عليه السلام حتّى يَأتيه، فيَنزل على الحَطيمِ يقول له: إلى أيّ شيءٍ تدعو؟

فيخبره القائم عليه السلام، فيقول جبرئيل: أنا أوّلُ مَن يُبايعُك، ابسِطْ يَدَك، فيَمسح على يَدِه، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيبايعوه، ويُقيمُ بِمكّة حتى يتمّ أصحابه عشرة آلاف نفس، ثمّ يسير منها إلى المدينة».

* وروى محمّد بن عجلان، عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام، قال: «إذا قامَ القائمُ عليه السلام، دعا النّاسَ إلى الإسلامِ جَديداً، وهداهُم إلى أمرٍ قد دُثر، فَضَلَّ عنه الجمهورُ، وإنّما سُمِّيَ القائِمُ مَهديّاً لأنّه يَهدي إلى أمرٍ قد ضَلُّوا عنه، وسُمّي بِالقائم لِقيامِه بِالحقّ».

* وروى عليّ بن عقبة، عن أبيه (عن الإمام الصادق عليه السلام) قال: «إذا قامَ القائمُ عليه السّلام حَكَمَ بالعدل، وارتَفَعَ في أيّامِهِ الجَوْرُ، وأَمنَتْ بِه السُّبُل، وأَخرَجَتِ الأرضُ بَركاتِها، ورَدَّ كلَّ حَقٍّ إلى أهلِهِ، ولَمْ يَبْقَ أهلُ دِيٍن حتّى يُظهِروا الإسلامَ ويَعتَرفوا بالإيمانِ، أمَا سَمعتَ الله تعالى يقول: ﴿..وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ آل عمران:83، وحَكَمَ بين النّاسِ بِحُكمِ داوودَ وحُكمِ مُحمّدٍ عليهما السلام، فَحينئذٍ تُظهِرُ الأرضُ كُنوزَها وتُبْدي بَركاتِها، فلا يَجِدُ الرّجلُ مِنكُم يَومئذٍ مَوضِعاً لِصَدَقَتِهِ ولا لِبِرِّهِ لِشُمولِ الغِنَى جَميعَ المؤمنين.

ثمّ قال: إنَّ دَولَتَنا آخرُ الدُّوَلِ، ولَمْ يَبقَ أَهلُ بَيتٍ لهم دَولةً إلَّا مَلَكوا قبلَنا، لئلَّا يقولوا إذا رَأَوا سيرتَنا: إذا مَلَكنا سِرْنا بِمثلِ سيرةِ هَؤلاء، وهو قول الله تعالى: ﴿..وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ الأعراف:128». ".."

* وروى عبد الله بن عجلان، عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام، قال: «إذا قامَ قائمُ آلِ مُحمّدٍ عليه وعليهم السلام، حَكَمَ بينَ النّاسِ بِحُكمِ داوود، لا يحتاج إلى بَيِّنَةٍ، يُلهِمُه الله تعالى فيَحكُم بِعِلمِه، ويُخبِر كلّ قومٍ بما استَبطَنوه، ويَعرف وليَّه مِن عَدوِّه بالتَّوَسُّم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ الحجر:75-76».

وقد روي أنّ مدّة دولة القائم عليه السلام تسع عشرة سنة تطول أيامها وشهورها، وهذا أمر مغيّبٌ عنّا، وإنّما أُلقي إلينا منه ما يفعله الله عزّ وجلّ بشرط يعلمه من المصالح المعلومة  له جلّ اسمه، فلسنا نقطع على أحد الأمرين، وإن كانت الرواية بذكر سبع سنين أظهر وأكثر.

وليس بعد دولة القائم عليه السلام لأحد دولة إلّا ما جاءت به الرواية من قيام ولده إن شاء الله ذلك.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد