مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

الصوم الهادف

 

السيد عباس نور الدين
ماذا نقصد بالصيام الهادف؟
بعض الناس يصومون فقط لأنّه واجبٌ عليهم، وشيئًا فشيئًا حتى هذا الوجوب يختفي من أذهانهم ومن قلوبهم ويتحوّل إلى نوع من العمل دون الالتفات إلى الآثار والثمار. لذلك فإنّ توجه القلب إلى أهداف الصيام قد يكون عاملًا مهمًّا جدًّا في تفعيل دور الصيام في حياتنا المعنويّة. 
ما الذي يمكن أن نستفيده من منازل الوحي فيما يتعلّق بأهداف الصيام؟
إنّ تأمّلًا بسيطًا بشأن ما ورد في شهر رمضان المبارك يبيّن لنا أنّ لهذا الشهر موقعيّة خاصّة، ومنزلة عند الله سبحانه وتعالى بمعزلٍ عمّا فيه، أي أنّ شهر رمضان بحدّ ذاته هو شهرٌ كريم وشريف فضّله الله سبحانه وتعالى على أشهر السنة، وقد وصف هذا الشهر بأنّه شهر الله سبحانه وتعالى.  هناك روايات أو أدعيّة تبيّن أنّ الله  فضل هذا الشهر وأوجب فيه الصيام لأجل تفضيل هذا الشهر، فنحن نصوم ها هنا تعظيمًا وتكريمًا لهذه الموقعية الزمانية الخاصّة في السنة، وعلينا أن نتفكّر ها هنا:
لماذا كان شهر رمضان معظمًا عند الله سبحانه وتعالى؟ 


تأمّلٌ بسيط يبيّن لنا أنّ عظمة هذا الشهر نابعة من أنّ الله عزّ وجل جعل فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر. فإذًا، نحن نصوم تعظيمًا لشهر رمضان أي تعظيمًا لليلة القدر، وبتعبيرٍ أدق نصوم لكي نبلغ إحياء وتعظيم ليلة القدر.. هذا الصيام وهذه والعبادة التي نقوم بها من أوّل الشهر تهدف إلى تهيئتنا وإعدادنا لاستقبال هذه الليلة، ولإحيائها، ولمعايشتها، لاستقبال الفيوضات التي يمكن أن تتنزّل فيها.
 فلنتوقّف قليلًا عند هذا الهدف ولا بأس أن نقول أنّنا نصوم لأجل ليلة القدر التي، بحسب الروايات والأحاديث العديدة، لم تخلُ منها الحياة على الأرض، فمنذ أن وُجد الإنسان على الأرض كان هناك ليلة القدر، وبطبيعة الحال، كان الأنبياء يتشرّفون بهذه اللية، وبإحيائها والوصول إليها.
تعريف الناس على هذا الشهر المبارك من إنجازات الرسول الأعظم
يُذكر في بعض الروايات عندنا "إدراك" هذه الليلة المباركة. وهكذا كانت هذه الليلة تختفي وتظهر بحسب اتّباع الناس لأنبيائهم ورسلهم، إلى أن جاء الإسلام ولأسباب وعوامل مهمّة جدًّا أظهر رسول الله (ص) عظمة هذه الليلة، وجعلها أيضًا لأمّته بعد أن كانت هذه الأمّة قد استعدّت جيّدًا لاستقبال هذا الشهر والتعامل معه كما يريد الله سبحانه تعالى. 
لقد أسّس رسول الله(ص) في المجتمع المسلم ما يجعل الناس يتقبّلون هذه العبادة مهما كانت الظروف. فالمسلمون ومنذ قرون عديدة لا يتركون صيام هذا الشهر، بل يفتخرون بصيامه ويحبونه ويحبون الصيام فيه. وهذا من إنجازات هذا النبيّ الأعظم (ص).


هدف الصوم بلوغ ليلة القدر
إنّ بعض المسلمين وللأسف لا يعرفون قيمة هذه ليلة القدر ولا يعرفون شيئًا عن حقائقها، وإنّما يتصورون فقط أنّ عليهم أن يقوموا ويصلوا ألف ركعة وهكذا، لكن لهذه الليلة حقائق وأسرار ومعاني، هي التي ينبغي أن نتوجّه إليها في صيامنا؛ أن نجعل هذا الصيام إعدادًا واستعدادًا لبلوغ هذه الليلة وإدراك ما فيها؛ عسى أن ندرك ما فيها إن شاء الله
ما سرّ عظمة ليلة القدر؟
لقد تفضّل الحقّ المنّان بليلة القدر على البشرية بأن أنزل فيها القرآن الكريم الذي يُعتبر أعظم صلة بين الخالق والمخلوق.
بفضل هذا القرآن الكريم تحقّق نوعٌ من الوصل بين السماء والأرض ليس له مثيل.
وبفضل هذا الكتاب الإلهي، تفتحت جميع أبواب السموات. 
إنّ كل ما يمكن أن يتحقق للإنسان من حياة طيبة ونعيم مقيم قد أُنزل في هذا القرآن الكريم وجُعل وسيلة لبلوغ ذلك. ما من مقام عند الله عزّ وجل، ما من غنًى، ما من كمالٍ يمكن أن يبلغه الإنسان إلا وقد جعل في هذا الكتاب الإلهي. {ولقد يسرنا القرآن للذكر} فهو أيسر طريق لبلوغ أعلى الكمالات.
لو تأمّلنا في سيرة النبيّ الأكرم،  لقد عرج رسول الله(ص) إلى السموات العلى ومنها إلى قاب قوسين أو أدنى بفضل التفاته إلى عظمة هذا المقام وإحيائه وقيامه بتلك المقدّمات الضرورية للوصول إليه،  فقد أتعب رسول الله (ص) نفسه الشريفة بالقيام بتلك العبادات العظيمة حتى بلغ ما بلغ وبفضل ذلك أدرك كل ما يمكن أن يُفاض على الإنسان في  ليلة القدر. 
إنّ ليلة القدر هي ليلة تنزّل الفيض المطلق الذي يعبّر عنه بالروح والتي تصحبه الملائكة، كل كمالٍ يمكن أن يناله أي موجود فقد تنزّل في هذه الليلة، لكن بشرط أن يكون هناك استعداد لاستقباله.
كيف نستعد لإدراك ليلة القدر؟
الإعداد يتمثّل في الليالي وفي الأيام الموجودة في هذا الشهر المبارك، صيامًا وقيامًا، ورعًا وتقىً. الإنسان الذي يحقّق في نفسه مثل هذا الاستعداد فإنّه إن شاء الله تعالى يبلغ هذا المقام أو يتّصل به عسى أن يبلغه يومًا ما.  
إنّ أهم ما في استعداد شهر رمضان هو أن يجعل الإنسان نفسه ثابتة في التوجه إلى الله وطلب ما عنده وهو المعبر عنه بالتقوى. وهو أمر ميسر في شهر رمضان من خلال العبادات الشريفة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد