علمٌ وفكر

الإنسان مختزلاً ، الإلحاد تقديس للدنيوية واختصام مع المتعالي السماوي (1)

 

هادي قبيسي .. 

لعلّ الاندفاعة الفكرية الأكثر عمقاً والأقصى أثراً في عصرنا الحاضر، هي تلك التي حصلت بفعل ثنائية التنوير والاستعمار في غرب أوروبا، وتركت آثارها في الشعوب والحضارات لغةً ورؤيا. كانت تلك القفزة الهائلة في التاريخ ذات منحى نزولي دنيوي مختصم مع المتعالي السماوي. وهو منحى يجتزئ الوجود والعالم، ويختزل الإنسان في الواقع المادي المباشر.
خطّ الاختزال والتماس مع المعنوي يتشكل من نقاط كثيرة يمكن نظمها تحت عناوين وأبعاد مختلفة من فلسفي ومعرفي وأخلاقي تشمل كل الحياة التي زلزلها الصراع السياسي الديني على أرض أوروبا، وامتد الصدع نحو العمق النظري ليفصل المعرفة الظاهرية عن المعنى وبديهية الحقيقة الكلية.
دائرة من النقاط التي تشكل هذا الخط، الذي عزل الإنسان عن واجب الوجود، نقدمها هنا في مقاربة واقعية تصل بين النظري والتاريخي، وهي تتكون من ثنائيات تحكي عن التطرف في حصر الإنسان في إحداها وإغفال وجوده في ظل قرينتها، نطرحها كمعايير تمهد لعملية كشف خفايا الاجتزاء والخلل في المعارف والعلوم الإنسانية، التي تقدم نفسها مرجعية حاسمة ونهائية في التعامل مع شؤون الحياة العملية الدنيوية.


دنيا / آخرة
خاضت المجتمعات الأوروبية إبان «عصر النهضة» صراعاً حاسماً مع المقولات الدينية كانت خلفيته الصدام مع المؤسسة الكنسية والسلطة الكبيرة التي كانت تحتازها آنذاك، تضخم السلطة هذا أدى إلى نشوء الحروب الدينية على خلفيات سياسية ومذهبية، حروب أرهقت الفرد والمجتمع الأوروبي ودفعت به إلى البحث عن مخرج من الاقتتال الأهلي الأيديولوجي فكان المهرب المتاح آنذاك التخلي عن مضمون الدين في رؤيته الكونية ومنظومته التشريعية بالكامل وإن بالتدرّج، وكان البديل هو في التنظير للحياة الأفضل في الأروقة الأكاديمية والمنتديات الفكرية والأدبية وفي هذا الرحم تكونت نطفة العلوم الإنسانية الحديثة، وبرزت «النزعة للمقاربة العلمية مما أدى إلى تغيير جذري في النظرة الكلية والمفاهيم لدى البشر، وبدأ التفكير العقلاني والنقدي لاكتساب المعرفة يحل محل التفسيرات التقليدية القائمة على أسس دينية في شتى المجالات»[1] ولذلك تحركت العقول الباحثة عنن الحل البديل بعيداً عن المقولات الدينية وأهمها الحياة الأخروية، فكان من خصائص السرديات والنظريات الناتجة من هذا الحراك أنها تنكر وجود الآخرة ولذلك تغيب الغاية من حياة الإنسان وهذا مشابه لما تحيلنا إليه الآية السابعة والثلاثون من سورة المؤمنون التي تعبر بلسان أهل الانحراف «إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين»، وبهذه الخلفية بدأ إنتاج منظور جديد لحياة الإنسان الأوروبي محصور في الإطار الدنيوي المباشر، حيث حض أحد رواد هذا الاتجاه وهو أوغست كونت على «إقامة ما سماه (دين الإنسانية) الذي يقوم على الميل عن الإيمان القطعي بالعقيدة إلى الارتكاز على المبادئ العلمية، وسيكون علم الإجتماع النواة لهذا الدين الجديد»[2].

بناءً عليه انصب المنظور البحثي على اهتمامات الإنسان الدنيوية الحياتية والمعيشية بما في ذلك النص الفلسفي على أنه إنسان يعيش في هذه الدنيا، وتنحصر حركته الوجودية فيها، وبذلك يتموضع نطاق الجهد والبصيرة للمنشغل بالفكر الغربي في هذا الإطار، ويغفل عن الغاية من الحياة على هذه الساحة الدنيوية، ويحصل لديه انفصال بين الساحة الدنيوية والأخروية برغم إيمانه بها، ويفقد المعايير الأخروية في النظر إلى الشؤون الدنيوية، ويصبح للدنيا معايير وفهم خاص بها قائم على أساس انفصالها عن العالم المستقبلي الأخروي الذي ينتقل بنا من حالة الاستتار والمحدودية المادية إلى حالة الانكشاف والإطلاق في العالم الآخر. الانشغال الدائم بالمادة المعرفية الغربية قد يغدو داعياً إلى سيطرة الإحساس بوجود الدنيا المباشر وفقدان الإحساس بالوجود الأخروي الغيبي بالتدرّيج، لأن النفس تغرق في الغفلة من ناحيتين، الأولى على المستوى الزمني، أي الاستغراق الواقعي لوقت طويل بالشؤون الدنيوية، والثانية سيطرة الحسابات العقلية المباشرة على ميكانيزمات التعقل وتشبث العادات الفكرية المباشرة والمادية بآليات التفكير والتأمل واتخاذ القرارات.

البيئة الأكاديمية والعلمية المعاصرة، سواءً في دول العالم الإسلامي أو خارجه لا فرق، بظروفها وضروراتها والحاجة إليها من قبل الفرد والمجتمع وما أملته من ارتكاز شبه كامل على النص الغربي، وضعت الفرد المنضوي في صفوفها في ظل النص الناتج من تلك التحولات التاريخية الأوروبية والنصوص المتأثرة به، ولم يلتفت الكثيرون إلى أن من طبيعة هذه النصوص من حيث الإطار والسياق أو المضمون المباشر أن تبعد الإنسان عن الآخرة بصرف فكره وعزيمته واهتمامه بالأمور الدنيوية، وبرغم أن هذا التأثير يتفاوت تبعاً للأفراد ويحصل بالتدريج ودون التفات إلا أننا ينبغي أن نكون على معرفة وإدراك لطبيعة هذا الانتاج المعرفي وبالتالي لكيفية التعامل معه فكراً ونظراً وتطبيقاً فلا نقع أسرى لتداعيات التاريخ الأوروبي، بحيث تصبح الأولويات والاهتمامات وكيفية توزيع الجهد والطاقة الفردية خاضعة لتنظيم الموضوعات البحثية والمعرفية والفكرية المختلفة في المنظومة الأكاديمية ذات المبنى الغربي، وتسيطر منظومة القضايا المحددة في الفكر المادي الدنيوي على الهم والجهد، ويصبح تشكل الصورة العقلية عن الوجود الخارجي ومساحة الانشغال به منوطاً بالأبعاد التي يرسمها التشكل الثقافي للفرد المنشغل بالنص والبحث الدنيوي، وكما يقول أنطوني غدنز «يستطيع علم الاجتماع أن يزودنا بالتنوير الذاتي وتعميق فهمنا لأنفسنا، وكلما ازدادات معرفتنا بالبواعث الكامنة وراء أفعالنا وبأساليب عمل المجتمع الذي نعيش فيه، تعززت مقدرتنا على التأثير في مستقبلنا»[3]، وهكذا يتشارك البعد النفسي والعقلي والعملي الانشغالي في تحديد الهوية الفكرية والفلسفة الكونية للمثقف أو الباحث حتى للطالب الجامعي المسلم المتدين، بما قد يدفعه ليعيش في الحد الأدنى انفصاماً بين معتقداته الدينية من جهة ونظرته إلى الإنسان والمجتمع من جهة أخرى.

أولى النص المقدس مسألة التوجه وصرف الجهد وكيفية إدارته بين المساحة الدنيوية والأخروية إهتماماً كبيراً، ففي الآية السابعة والسبعين من سورة القصص تأكيد لضرورة وحدة الغاية الأخروية في كل المساعي والمسارات التي يسلكها الفرد «وابتغ فيما آتاك اللَّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا»، وفي سورة النساء الآية الرابعة والتسعين ذم للتوجه الاختزالي والمتحيز إلى الدنيا «تبتغون عرض الحياة الدنيا» وفي سورة الكهف في آيتها الثامنة والعشرين دعوة للانصراف القلبي والروحي عن الدنيا «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا» وتأتي الآية المائتين من سورة البقرة في غاية الوضوح في لفت النظر إلى الانحراف المتحيز إلى الدنيا برغم وجود الإيمان «فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق» فهنا الإنسان يدعو ربه لكي يزيد من مكاسبه الدنيوية فهو إنسان يؤمن بالله وبقدرته ويخاطبه ويدعوه لكنه منصرف إلى الدنيا بشكل حصري، ونختم الاشارة إلى النصوص القرآنية بالآية التاسعة من سورة المنافقون التي تعظنا بضرورة عدم الانغماس بفكرنا وسلوكنا في أمور الدنيا «يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر اللَّه ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون»، وهذا تأكيد قرآني لأهمية التوازن في هذه الثنائية المركزية وتنبيه إلى مخاطر التطرف في أحد جزءيها.


جسد / روح
انقطعت حركة المعرفة الغربية عن النص الديني وما يقدمه من إجابات عن الأسئلة الأساسية في الحياة الإنسانية، تلك الأسئلة التي تطرح بشكل فطري وعفوي في الذهن البشري، وجرى الاشتغال على دين جديد يستند إلى ما تقدر عليه الملاحظة الظاهرية كمصدر للمعرفة، ولا يملك الوسيلة لمعرفة حقيقة الإنسان، وجرى الاكتفاء بهذا القدر بناءً على ضرورات الصراع الجذري والتطرف في العداء مع الكنيسة بحيث أدى التدافع التاريخي المتدرّج بالتنويريين إلى رفض كل ما يعود إلى النص الكنسي كمرجعية، ويشرح جوناثان إسرائيل بدقة حركة الصراع هذه ويوضح التدرج في التطرف من الموقف تجاه الدين والعوامل السياسية والفكرية التي دفعت إلى الاستقطاب الحاد بين المؤسسة الدينية والنخب المناوئة لها، فلم يقرر أعداء الكنيسة وخصومها من البداية رفض كل المنظومة الفكرية الدينية بل كان لديهم ملاحظات على بعض المقولات ولكن رد فعل الاكليروس الحاد دفع بالتدرّج إلى هذا العداء المستحكم[4]، ومن هذا الموقف الحاسم بدأ تشكّل نظرة اختزالية للوجود الإنساني تسكن إلى الظاهر وتركن إليه وترفض الحقيقة الروحية المعنوية وتنكرها إما عملياً وإما مباشرةً، وأخذ الجسد مكانة مقدسة في الثقافة والسلوك الغربيين كما احتلّ السلوك الظاهري وتأمين الحاجات المعيشية الدنيوية المختلفة المساحة الأوسع في مسارات البحث والتنظير.

المتلقّي المسلم المتديّن الذي يستفيد من النتاج الفكري الغربي قد لا يلتفت إلى أنّ هذه النتاجات وباهتمامها بالقضايا المختلفة والمتغيِّرة تُغيِّب الإنسان عن وجود روحه الثابتة، الثابتة في ارتباطها بالمطلق البسيط، فيهمل الجوانب التي أهملها الباحث الغربي ذو العقلية الاختزالية حينما يترك هذا النص المستورد يشكل منظوره للحياة الفردية والاجتماعية، فالانشغال الذهني بالقضايا الظاهرية الدنيوية، وانصباب التركيز في الحاجات الجسدية والنفسانية الذاتية والمتطلبات الدنيوية المعيشية، والظروف المتأتية من الصراع على تأمين هذه الحاجات، والإغفال الكلي لموقع الحاجات الفطرية والروحية في سياق النصّ والبحث والموضوعات، كلّ ذلك يختصر الوجود الإنساني ويقصره على الجانب الظاهري والجسدي، ويغيّب الانشغال والتوجه والالتفات إلى الحقيقة الفطرية والروحية الثابتة والأصلية المتمايزة عن الخصائص البنيوية للقضايا الظاهرية الدنيوية المشبعة بالاختلاف والتغير والتشابك والاضطراب الفوضى، ويشير أنطوني غدنز، من وجهة نظره، إلى هذه الحالة التي اعترت المجتمعات الغربية ولا تزال قائلاً «إن الأخلاق التقليدية التي كان ينطوي عليها الدين والتي كانت تقوم بمهمة الضبط وتقدم المعايير سرعان ما تبدأ بالتفكّك مع البدء بالتنمية الاجتماعية الحديثة، مما يدفع أعداداً كبيرة من الأفراد في المجتمعات الحديثة إلى الإحساس بأنّ حياتهم اليومية لا معنى لها ولا دلالة»[5].

حياة الإنسان المؤمن بالله حياة مطمئنة وزاخرة بالروح المعنوية وتنطوي على استقرار عقلي وروحي بغضّ النظر عن الظروف والمتغيِّرات، وتقدم لنا حادثة كربلاء النموذج الأرقى لذلك، لكن إذا أصبحت الحياة الظاهرية هي كل ما يفكر به الإنسان ويشغل عقله وقلبه وأحاسيسه فسيقع في حالة من الاضطراب والفوضى الباطنية، وستغيب عنه الحياة الحقيقية التي تنبع من صرف الاهتمام نحو العالم الروحاني، الذي هو حقيقة الإنسان وأصل وجوده كما تُبيِّن لنا الآيتان الثامنة والعِشرون والتاسعة والعشرون من سورة الحجر «وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمإٍ مسنون * فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين» فالنفخة الإلهية الروحية هي حياة هذا الصلصال والطين، التي إن غفل عنها الإنسان عاد إلى ترابه وقيوده المادية المحدودة.

أما النصّ الذي جاء به «الدين الجديد» كما يقول أوغست كونت فقد قدَّم مقاربات مغايرة وبعيدة كل البعد، ومن آثارها أنها باهتمامها بقضايا المعيشة الحياتية الدنيا تغفل الإنسان عن وجوده الشفاف الذي يدرك نفسه بنفسه حضورياً فقد أدخلت البشرية في مسرح عبثيّ شديد الاضطراب، وهذا مصداق لقول الإمام الصادق عليه السلام «مَنْ أَصْبَحَ وأَمْسى وَالدُّنْيا أَكْبَرُ همِّه، جَعَلَ اللَّهُ الفَقْر بَيْنَ عَينَيْهِ وَشَتَّتَ أَمْرَهُ وَلَمْ يَنَلْ مِنَ الدُّنْيَا إلاّ مَا قُسِمَ لَهُ وَمَنْ أَصْبَحَ وَأمْسَى وَالآخِرةُ أَكْبَرُ هَمِّه، جَعَلَ اللَّهُ الغِنَى فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ أَمْرَهُ»[6]، ولذلك تنتشر الأمراض الروحية ويشيع استعمال الأدوية العصبية والمهدئات والأقراص المنومة[7]، حيث سلبت منظومة الدين المادي المبتدع راحة الروح وقدمت راحة الجسد، وإنّ العودة إلى نصوص هذا الدين كمرجعية للفكر والعمل له آثار نسبية، وإن لم تصل إلى مستوى التأثير السلبي الذي غرقت فيه الشعوب التي تخلت عن روحها، إلا أنها تحجب الإنسان عن الاهتمام بالحياة الحقيقية وتجعل منه هجيناً منفصماً إذا لم يلتفت إلى المنطق الاختزالي الذي تمليه تلك النصوص، حيث إن تَمحور الهمّ الفكري والعملي للمتخصِّص في القضايا الدنيوية حول القضايا الظاهرية، وتسخير العقل لقراءة وتحليل الساحة الحياتية، وإهمال البعد الروحي والمعنوي الذاتي والباطني، الذي يتحول إلى جدلية تبدأ من خلال توجيه الذهن، تنظيم الوقت، وزيع الجهد، وتحديد الانشغال الرئيسي على المستوى الفكري، كل ذلك يجعل من الروح قضية غير ذات أهمية، ما يستبطن غيابها وعدم وجودها من الناحية العملية والحضورية، ويلغي مفاعيلها وتأثيرها في الفكر والعمل، بدءاً من إلغاء مفاعيلها في النظر الفكري الذي يمكن أن يسوق إلى غيابها النسبي المتفاوت في السلوك، وتنامي ذلك الغياب مع تقدم الزمن. خصوصاً إذا كانت تلك العلوم والنصوص هي التي تملي نمط الحياة أو كيفيّات وشروط العمل الاجتماعي وغاياته فتترك آثاراً روحية وسلوكية في الفرد والمجتمع الذي يجري توجيهه وإدارته من خلال تلك النظريات الاختزالية، فهي دين كامل الأوصاف فيه الرؤية الكونية كما فيه التشريع والفقه التفصيلي، كما نرى في العلوم الاقتصادية أو علوم النفس والموارد البشرية على تنوّع فروعها ومجالاتها ونظرياتها.

ــــــــــــ
1- غدنز، أنطوني / علم الإجتماع / المنظمة العربية للترجمة / 2005/ ص 54.
2- غدنز، أنطوني / مصدر سابق / ص 63.
3- غدنز، أنطوني / مصدر سابق / ص 53.

Israel4-، Jonathan / Radical Enlightenment: Philosophy and The Making of Modernity 1650- 1750 / Oxford Uni. Press / 2011 / p 7.
5- غدنز، أنطوني / مصدر سابق / ص 65.
6- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب حب الدنيا، ح 15.
7- نقل إلي طبيب أعصاب لبناني يعمل في فرنسا احصائية تفيد بأن ستين بالمائة من الراشدين هناك يتناولون المهدئات ونسبة أكبر من ذلك تتناول الأقراص المنومة.
مجلة الاستغراب

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد