لقاءات

محمد العجمي: الفلسفة اليوم هي التي تعطي المعنى لكثير من نتائج العلوم


نسرين نجم ..

على شواطئ الفلسفة طرح أسئلته الكبرى، فغمرته أمواج أجوبتها وغاص بها فأضحى غواصًا بارعًا يعرف كيف يلج في أعماقها ويلتقط لآلئها المعرفية. أسئلة كثيرة طرحناها مع الكاتب والمهتم في شؤون الفلسفة الأستاذ محمد العجمي، انطلقت من السؤال الكبير، هل الفلسفة للخاصة فقط؟!


* ما بين الفلسفة الغربية والعربية بدأ مشواره:

مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وهذه الخطوة دائمًا ترتبط بتاريخ معين، إلا أنه بالنسبة للأستاذ محمد العجمي، فبداية رحلته في الاهتمام بعالم الفلسفة ليس من السهل تحديدها فبرأيه: "التاريخ يدرك بفعل التراكم لا بد أن تمر فترة زمنية قبل أن تدرك أنك مهتم فعلًا بحقل علمي معين والصعوبة ستزداد تبعًا لتعريف الفلسفة؛ إذ يمكن أن نضيق أو نوسع التعريف تبعًا لعوامل عديدة. ولكن يمكن أن أقول أنني لم أدرس الفلسفة أكاديميًّا أو على يد أستاذ، وهذا في حد ذاته ضعف مهم في التكوين الفلسفي، فأنا ككثيرين غيري أثارتهم الأسئلة الكبرى ووجدوا ضالتهم في شواطئ الفلسفة فصاروا يغامرون بارتيادها دون الغوص عميقًا لقلة الزاد ونقص التوجيه، وضعف الاتصال المعرفي داخل المجتمع. واهتمامي بالفلسفة جاء على مسارين: الفلسفة العربية، وابتدأت من ابن رشد وكتابه "فصل المقال"؛ والذي اضطرني للرجوع إلى سابقيه، ومسار الفلسفة الغربية التي انطلقت فيها من كتاب "مقال في المنهج" لديكارت. وما زلت أسير في المسارين بشكل متواز تقريبًا، غير أن عامل اللغة وحيوية الفكر في الفلسفة الغربية في مقابل عدم التعود عل  اللغة الفلسفية العربية القديمة، وكذلك لتعلق مباحثها بالميتافيزيقيا بشكل أساسي جعلني أؤثر القراءة والاهتمام بالتيارات الفلسفية الحديثة، وامتدادادتها عند المفكرين العرب منذ بدايات القرن العشرين."

البعض ينظر الى الفلسفة على أنها عالم مليء بالغموض والتعقيدات، فسألناه هل هو كذلك فعلًا؟ لوماذا هذه النظرة إلى الفلسفة؟ يقول العجمي: "أجاب على هذا السؤال كثيرون، فهو يتكرر في الطرح، ولعل سبب هذا التكرار هو عدم قدرة الفلسفة على الانتشار وجذب مهتمين إليها على العكس من الدين والفن. لهذا في كل مرة يظل السؤال "هل الفلسفة غامضة؟" مطروحًا. وفي رأيي أن هذا الغموض أو الرهبة من الفلسفة فعلًا موجودين، وقد عبّر عنه فلاسفة كثيرون، فأفلاطون في جمهوريته قسم الناس ضمن مستويات حيث وضع الفلاسفة في أعلاها كقادة للناس، كما عبّر ابن رشد عن ذلك في كتابه "فصل المقال" عندما أكد بأن عامة الناس لا يجدر بهم دراسة الفلسفة لئلا يضلوا عن السبيل بسبب عدم إحاطتهم بفنون الاستدلال والبرهان والتأسيس المنطقي. وحتى مع العصور الحديثة وانفتاح اللغة الفلسفية وانتشار المعارف واقتراب الفلسفة من الواقع اليومي وهمومه، ظلت الفلسفة مادة للخاصة فقط وما زالت كذلك؛ رغم أن دائرة الاهتمام بها تتسع يومًا بعد يوم. اليوم نجد الصحفي والمحامي والروائي والشاعر والسينمائي والموسيقي فضلًا عن الفيزيائي والطبيب والرياضياتي ودارسي علم الاجتماع والعلوم النفسية والسياسية ينافسون الفلاسفة والإلهيين والمناطقة وعلماء الأخلاق في الاشتغال الفلسفي. ربما لأن مباحث الفلسفة تنوعت وتخصصت بحيث أصبحت تهتم باللغة والسلطة والثقافة وتتظيم المجتمع والتنبؤ بالمستقبل والتربية والعنف والتمييز والتبعية."

انطلاقًا من كلامه بأن دائرة الاهتمام بالفلسفة قد توسعت عما كانت عليه سابقًا سألناه عمّا إذا كان يعتبر بأن الفكر والمعرفة هما من حاجيات الإنسان؟ فأجاب: "لا يحتاج ذلك إلى رأي، إذ أن الفكر والمعرفة لا تنفصلان بأي حال عن الإنسان العاقل فهو لا يقارب الواقع إلا مفكرًا ومتسلحًا بمعرفة ما. فالفكر هو النشاط الذي من خلاله نستمثل الواقع ونعطيه رموزًا وكلمات وأصوات تصفه وتعبر عنه على مستوى الداخل، ثم نتبادله مع الخارج عندما يصبح معرفة. المعرفة على اختلاف تعاريفها بين المدارس الفلسفية؛ تظل في حدها الأدنى المعتقد الصحيح، وهذا يجعلها هي كل ما بيننا وبين الواقع هذا ما نقدمه لأطفالنا، وما تتبادله الشعوب والجماعات. المعرفة بهذا الشكل ليست مجرد حاجة للإنسان بل هي من صلب رؤية الإنسان لنفسه وللآخر. وهذا يعطي فسحة ومجالًا وميدانًا واسع للبحث، ففي فلسفة العقل نحن نبحث في ماهية الفكر وعمليات الوعي وتماثلات مشكلة العقل-الجسد، وفي نظرية المعرفة/فلسفة العلم نحن نبحث عن ماهية المعرفة وإمكانيتها وكيفية الوصول إليها". وردًا على سؤالنا حول كيف خدمت الفلسفة الإنسان؟ وكيف يستفيد منها حاليًّا؟ يقول: "إذا قلنا إن الفلسفة تنشط في مجالات المجهول وتشتغل على الأسئلة التي لم يجب عليها الإنسان بعد، فستكون بذلك هي الأم لجميع حقول العلم التي نعرفها اليوم. فما أن يتوصل الإنسان إلى منهجية وأدوات يثق بها لدراسة ومعرفة مجال مما يشغله فلسفيًّا حتى ينفصل هذا المجال عن الفلسفة ويصبح حقلًا علميًّا، هكذا كان شأن الفيزياء والبيولوجيا والفلك وحقل الأخلاق والقانون وعلم النفس والاجتماع والعلوم اللسانية والإدراكية. هنا يجب أن نعترف أن العلم هو الذي يقدم الخدمات المتتالية في سبيل سيطرة الإنسان على الطبيعة وتسخيرها لخدمته وفي رفاهيته، ولكن ما كان ذلك ليكون لو لم يتفلسف الإنسان يومًا ما. ما كان الإنسان ليتوصل للتلسكوب لو لم يكن داخ من التفلسف في الأفلاك والنجوم وما كان يسمى بعالم الفساد وعالم الكون. أكثر من ذلك؛ إن الفلسفة اليوم هي التي تعطي المعنى لكثير من نتائج العلوم . لنتأمل الكتب التي تتحدث عن فيزياء الكم والفيزياء النظرية سنجد أن الكثير من نتائج العلم توضع ضمن نسيج معرفي يجيب على أسئلة فلسفية في الأساس. وكذلك لنتأمل مجال الأخلاقيات التي تعالج النتائج الكارثية للعلم. أخلاقيات الروبوتات وأخلاقيات استعمار الكواكب وأخلاقيات الهندسة الوراثية؛ هذه كلها حقول تستند في جوهرها إلى فلسفات أخلاقية لا تزال تشكل الأساس التي تبنى عليه التشريعات في هذه الحقول."

السؤال الأهم الذي يُطرح: من ينتج المعرفة الفكرية في الوقت الراهن؟ يعتبر الأستاذ محمد العجمي بأنه : "إذا افترضنا أنها المعرفة البشرية عمومًا فالجميع تقريبًا يشترك في إنتاجها من شرق وغرب بمن فيهم نحن العرب. أي نعم ليس الجميع يسهم في المعرفة على قدر سواء غير أن المشاركة البحثية وإعادة تدوير وإنتاج وتطبيق المفاهيم والمنهجيات والنتائج البحثية باتت اليوم وبفضل تقنيات التواصل في متناول الجميع. هناك أزمة مركزية تشوه هذا الاتصال البشري الملحوظ فعلًا على مستوى الجامعات ومراكز البحث وبرامج الدراسات الثقافية؛ مركزية يعاني منها الأوروبي بدرجة أولى وإن كانت مدار جدل ونقاش ونقد على المستوى الأوروبي نفسه. بطبيعة الحال هذا لا ينفي وجود ضعف لدينا في المساهمة بالمعرفة البشرية، ضعف يتصل غالبًا بغياب البنية التحتية للبحث العلمي وتذبذب النظام السياسي وهشاشة الدول. "


* لكي تكون عالـمًا عليك أن تكون عاقلًا:

كثرت العبارات والأقاويل التي تتحدث عن معايير العالم والشروط التي يجب توفرها فيه، منها ما يقال بأنه لكي تكون عالـمًا عليك ـن تكون عاقلًا، فهل يوافق الأستاذ محمد العجمي على هذا الرأي، أو يعتبر أن في بعض التحرر من القيود العقلية ما يولد الإبداع؟ يجيب: "إن العلاقة بين صرامة المنهج العلمي والإبداع علاقة مريبة إلى حد ما، فالمنهج بوصفه نموذجًا تنظيميًّا لحل مشكلة ما يضع مقدمات كثيرة بين يدي الباحث ترسم له إطارًا لا يفترض أن يخرج عنه، فلكي يتوصل إلى نتائج جديدة يستطيع أهل الاختصاص الواحد أن يستهلكوها ويبنوا عليها؛ يجب أن تكون وفق القواعد التي يتفق عليها الجميع. المنهج العلمي هو ما يتوصل إليه العلماء بعد مدة من الزمن تتراكم فيه الخبرات والتجارب حتى يأتي عالم ما ينظر لهذا التراكم المعرفي ويستخرج منه الطريقة التي ستكون الأنسب والأكثر صدقًا وقدرة على كشف المجهولات في هذا الحقل أو ذاك. ولكن وعلى طريقة توماس كون في "بنية الثورات العلمية"، الذي يضع مفهوم "الباردايم" لوصف النموذج المتراكم الذي يصل بعد عقود من السيطرة إلى طريق مسدود فلا يعود قادرًا على الإجابة على النتائج الشاذة للمنهج العلمي. كما حصل مع الفيزياء النيوتونية عندما استخدمت في دراسة عالم الذرات والجسيمات الفيزيائية، حيث كان لا بد من ولادة بارادايم جديد وهو هنا فيزياء الكم. ما أود قوله هنا إن المنهج العلمي الصارم يظل صالحًا ما دام قادرًا على الصمود أمام الاعتراضات ومحاولات الدحض كما يطرحها كارل بوبر. ويبدأ في التحلل عندما يكثر المعترضون ويقدمون بديلًا جديدًا أكثر إقناعًا. الإبداع هنا متوافر لدى الجميع تقريبًا فالمنهج في حقيقته طريقة لتوليد الإبداع وتعزيزه فهو ليس قيدًا في وجه الإبداع. والتفكير خارج الصندوق أو ضد المنهج لا يعني بالضرورة إبداعًا، غاية الأمر أن الإتيان بشيء جديد مدهش يتطلب في رأيي منهجًا فيه قدر من الذكاء والمرونة بحيث تكون مقاييسه قابلة للتحديث والتطوير، وليست سيفًا قاطعًا".

وحول أكثر الأسئلة التي تشغل بال محمد العجمي، وهل وجد لها الأجوبة أم اقترب منها؟ يقول: "تتطور الأسئلة التي نطرحها مع الزمن فأسئلة الطفولة والمراهقة والشباب ليست هي أسئلة النضج والرشد. وتتغير مع تراكم الخبرات والتجارب، وإن كنت شخصيًّا أعتبر أن رحلة الإنسان في الحياة هي رحلة أسئلة، فلا يتوقف عن طرحها إلا عندما يتأدلج وينخرط ضمن مشاريع كبرى كحزب سياسي أو سلطة قبلية أو ثقافية أو دينية. بل وحتى في هذه الحالة الأسئلة هي التي ستخلصه من قبضة الأيديولوجيات التي تتغذى عليه جهده وتعبه. الأسئلة هنا ليست تلك الجمل التي تبدأ بكلمة استفهام وتنتهي بعلامة الاستفهام حتى لو صيغت كذلك. بل هي مجموعة من العلامات والمجهولات والإعتراضات التي تصنع مسارًا في الحياة يحاول الإنسان باستمرار أن يثبت أنه مسار خاطئ كي يتركه فلا يستطيع لأنه لا يجد أجوبة تقنعه. السؤال الكبير الذي يفرخ كل الأسئلة التالية هو سؤال الحقيقة؛ أين هي الحقيقة؟ فمجرد أن تسأل هذا السؤال يعني أنك تكتشف للمرة الأولى أن ما ورثته من آبائك وطفولتك ليس هو كل شيء. هناك ما زالت أشياء كثيرة يجب أن تتأكد منها وتتعلمها. ما الذي يعرفه الآخر المختلف ولا أعرفه؟ هل انتمائي إلى الله يلغي بقية الإنتماءات؟ هل نحن نعرف أكثر مما يعرفه الآخر؟ هذه الأسئلة تطورت لاحقًا لتدفعني دفعًا نحو قراءة الآخر واكتشاف ما لديه. وهكذا اكتشفت بعد مدة أن هناك عوالم مضيئة بالعلامات التي تساعدني على التكامل على المستوى النفسي أولًا ثم على المستوى الاجتماعي؛ أقصد هنا المجتمع الإنساني الكبير. مسألة التوصل للأجوبة أيضًا ليست على شكل جمل تنتهي بنقطة. بل هي صيرورة مستمرة ومتسلسة من الإحالات نقوم بمراقبة كل عقدة وجزء فيها. دائمًا نبحث عن ما نستند إليه من مرجعيات تشعرنا بالاطمئنان أن تلك القطعة من السلسلة صحيحة وصادقة، بعبارة أخرى تلك النتيجة من الإجابة على السؤال الكبير الذي نركض وراءه."

رغم أهمية الفلسفة والأسئلة الكبيرة التي تدور في فلكها والتي تصب في خانة اإنسانية نسأل، هل نالت الفلسفة حقها في عالمنا العربي والإسلامي؟ يقول الأستاذ محمد العجمي: "برأيي إن القوة السياسية ورسوخ جذور الأنظمة الحاكمة في أعماق شعوبها مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحيوية الفلسفة وتشربها في مختلف أشكال العمل والنشاط السياسي والاجتماعي. الهدف الأول للفلسفة هو معرفة ما هو أفضل خيار لنا ونحن ننتظم ضمن عقد اجتماعي. فإذا كان النظام السياسي يحتكر ذلك وفق رؤى خاصة وضيقة لبضعة أفراد يحتكرون السلطة فيهم؛ فما قيمة الفلسفة؟ هنا نحن سنشهد انحدارًا وتراجعًا في نشاطات التفلسف اجتماعيًّا أو ربما سيقتصر التفلسف على بضعة أسئلة مستهلكة متعلقة غالبًا بالميتافيزيقا الكلاسيكية والتي لا تزعج السياسي. تثوير المجتمع وتحريك العقول والطاقات المفكرة فيه؛ هذه مسؤولية الفلسفة بما تعطينا وتمدنا به من طرائق وأدوات في التفكير وحل المشكلات، وبدون ذلك سنظل نشهد ركودًا حضاريًّا، أهم طاقة تفجرها الفلسفة هي طاقة النقد والجدل، والكلمتان تحملان دلالة سلبية في معناها العام، فالنقد يعني التدمير والجدل يعني التحزب والاصطفاف، والواقع أن كلًّا من النقد والجدل ممارسات لا بد منها للمجتمع الذي يسعى لحياة أفضل. والمشكلة الرئيسية في رأيي لهذه الحمولة السلبية لهذين المفهومين هو في غياب ثقافة المنهج، النقد وفق منهج والجدل وفق منهج وهكذا فقط يمكن أن نعيد الاعتبار للنقد والجدل بأن نضع ونحدد منهجًا أو مجموعة مناهج تخلصنا من النقد الهزيل والجدل العبثي."

للأستاذ محمد العجمي العشرات من المقالات الفلسفية الهامة، لكن السؤال الذي يُطرح ما هي الرسالة التي يسعى إلى نشرها وإلقاء الضوء عليها؟ يقول: "عادة ما نحن نكتب لأجل الكتابة نفسها، الكتابة عند درجة الصفر كما يصفها رولان بارت؛ الكتابة قبل ولادة المشروع التي يكرس الإنسان قلمه لخدمته. وهكذا شأن ما أكتبه  نتنفس عن طريق الكتابة. مسألة أن هناك من سيستفيد أو لا يستفيد من ذلك؛ ذلك موضوع متروك للتاريخ الذي يطوي معظم الكتابات، ولا يبقي إلا على أقل القليل مما يستطيع أن يعبر الأجيال والعصور. شخصيًّا أؤمن بأن الرسالة من الكتابة يصنعها القارئ مع الكاتب معًا، وأن النصيب الأكبر في ذلك هو للقارئ. القارئ يكتشف الرسالة ويعيد صياغتها في قوالب وأشكال تعبيرية أخرى، تمامًا كما فعل الكاتب نفسه؛ الذي هو أعاد صياغة أفكار ورسائل كثيرة التقطها من هناك وهناك. الكاتب متمكن من اللغة فيكتب في لغة، ولكن الفنان والموسيقي والمصمم والراقص والسينمائي لهم وسائل تعبيرية أخرى؛ تدرك حسب ذائقة المتلقي. ربما نتحدث هنا عن التنوير؛ الإضاءات التي تشعلها الكتابة هنا وهناك لتضيء شيئًا من الطريق لمن يأتي من بعد. وهو هاجس يمر بي كثيرًا أثناء الكتابة، ولكن أحاول أن أطرده خشية الذوبان داخل وهم يسمى التنوير. نحن دائما بحاجة لمن ينور لنا طريقًا مظلمًا في هذه الحياة، فأن أدعي بأني أضيء طريقًا لأحد ما؛ يمثل مسؤولية خطيرة جدًا أخشى شخصيًّا أن أتحملها. هذا إذا لم أغفل عن أن التنوير هو مهمة العظماء عبر البشرية والذين نتفيؤ ظلالهم باستمرار؛ من أنبياء وفلاسفة وشعراء وفنانين.

أما عن طموحه ومشاريعه الحالية والمستقبلية فيقول: "كلمة الطموح مخيفة بالنسبة لي، إذ تنطوي لدي على دلالات الهوس بأن نترك علامات وبصمات في الحياة. لا نعلم ذلك على وجه اليقين، والإصرار على الطموح يورث تضخم في الأنا والذي بدوره يفسد الطموح نفسه. نحاول أن نعيش بلا طموح ما عدا ذلك الشغف الذي يساعدنا على التكامل النفسي. أما الطموح الذي يقولب الذات ويركزها في بؤر ثقافية في الغالب فهو مما أعمل جاهدًا على تهذيبه على المستوى السلوكي. الاهتمامات الفكرية كثيرة وغالبًا ما تتصل بهموم الحياة وقضايا الفكر المتداولة كمشكلة الانتماء وهوية الذات، وقلق العنف، وسبل المعرفة، وعلاقة الفرد بالمجتمع، وقضايا التغيير والنقد وتحليل الخطابات المتصارعة، والعلاقة مع الغرب، والتعامل مع التراث. هذه الموضوعات هي التي تأسرني في المرحلة الحالية، والتي أحاول مقاربتها بشكل وآخر، وأتمنى أن أنال حظًا من معرفة متعلقة بها."

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد