علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد صنقور
عن الكاتب :
عالم دين بحراني ورئيس مركز الهدى للدراسات الإسلامية

محاذاة البيت المعمور للكعبة الشَّريفة


الشيخ محمد صنقور ..

المسألة:
نقرأ في بعض الكتب ولا أعلم هل هو خبرٌ صحيحٌ أم لا أنَّ كعبة السَّماء والتي وُضِعَت للملائكة عندما تحاوروا مع الله تعالى في مسألة خلق البشر, وُضِعَت لهم الكعبة وأخذوا يدورون ويستغفرون حولها، هذه الكعبة السَّماوية يُقال بأنها لو سقط حجر من زاويتها لسقط على الزَّاوية الأرضية لبيت الله!!!
وعندما ندرس هذه المسألة نجدها شبيهةً بالخُرافة لماذا؟ لأننا نعرف بأنه لابد أنَّ الكعبة السماوية أكبر بكثير من كعبة الأرض لأنها للملائكة، فلابد أنَّها كبيرة جدًّا فكيف أنَّه بسقوط حجر من زاويتها تسقط على كعبة الأرض؟ فهذا القول كقولنا أنَّه لو سقطت قطعةٌ من الشَّمس فإنّها ستسقط على الأرض مع العلم أنَّ الشَّمس أكبر من الأرض بكثير!!


الجواب:
المراد من المحاذاة:
الذي عبرتم عنه بكعبة السماء، هو ما عبَّر عنه القرآن الكريم والروايات الواردة عن الرسول وأهل بيته (ﻉ) بالبيت المعمور، وقد أفادت الروايات أنَّه بحذاء الكعبة الشريفة، والمراد من المحاذاة ليست هي المحاذاة الحسيِّة الجسمانية وإنما هي محاذاة معنوية وذلك لأنَّ البيت المعمور ليس من سنخ الوجودات الحسيَّة المشهودة كما هو المستظهر من الروايات، وعليه ينتفي ما ذكرتموه من إشكال خصوصاً بعد الالتفات إلى أنّ الملائكة الأبرار وجودات ذات طبيعة لطيفة أو مجردة وليست وجودات حسيِّة بالمعنى المشهود حتى تكون الكثرة مقتضية للحيِّز الواسع.
وأمّا التعبير بالقول أنّه لو سقط حجر من زاوية البيت المعمور لوقعت على زاوية الكعبة الشريفة فهذا تعبير عن المحاذاة التامّة بين البيت الحرام والبيت المعمور، وأريد من هذا التعبير خلق الاستئناس الذهني للإنسان نظراً لصعوبة تصوُّر الأمور المعنوية والمجرّدة عند الإنسان، فهو أكثر ما يأنس ذهنه بالوجودات الحسية على انَّه لم نقف على نص هذا التعبير في الروايات وما وجدناه قريبًا من ذلك هو ما روي عن النبي (ص) أنَّه قال (البيت المعمور في السماء على مثل البيت الحرام لو سقط سقط عليه) وفي نص آخر (وهو بفناء البيت الحرام) وفي نص ثالث (بحيال الكعبة لو سقط سقط عليه)(1).


معنى البيت المعمور ومحلّه:
وكيف كان فقد أفادت الروايات أنَّ البيت المعمور مركز في السماء تطوف حوله الملائكة وهو محاذٍ للكعبة الشريفة وقد اختلفت الروايات من جهة أن محلَّه السماء السابعة أو سماء الدنيا أو السماء الرابعة وأكثر هذه الروايات أنَّه في السماء الرابعة(2).
ومنشأ التعبير عنه بالمعمور هو أنه معمور بزيارة الملائكة وطوافهم حوله، وقد ورد في بعض ما ورد عن أهل البيت (ﻉ) في هذا الشأن أنّ سبعين ألف ملك يطوفون حول البيت المعمور في كل يوم ثمّ لا يعودون إليه أبداً(3).


1- تفسير مجمع البيان- الشيخ الطبرسي- ج9 ص272، بحار الأنوار-العلامة المجلسي-ج55 ص60،55، المصنف- عبد الرزاق الصنعاني- ج5 ص28، تفسير السمعاني- السمعاني- ج5 ص267، تفسير القرآن- عبد الرزاق ال صنعاني- ج3 ص246.
2- لاحظ بحار الأنوار- العلامة المجلسي- باب البيت المعمور ج2 ص399، تفسير نور الثقلين- الشيخ الحويزي- ج5 ص136.
3- الكافي- الشيخ الكليني- ج4 ص189،188، علل الشرائع- الشيخ الصدوق-ج2 ص399، من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق- ج2 ص242.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد