قرآنيات

أوَّل مَن نقَّط المصحف


الشيخ محمد هادي معرفة ..
كان الخطُّ عندما اقتبسته العرب من السريان والأنباط خالياً من النقَط ، ولا تزال الخطوط السريانية بلا نُقَط إلى اليوم، وهكذا جرت عليه العرب يكتبون بلا نُقط حتّى منتصف القرن الأوَّل ، وبعده بقليل جعل الخطّ العربي ينتقل إلى دَوره الجديد ، دَور تشكيل الخطّ وتنقيطه ، وسيأتي الكلام عن التشكيل .
وفي ولاية الحجّاج بن يوسف الثقفي على العراق من قِبل عبد الملك بن مروان (75 ـ 86هـ) ، تعرَّف الناس على نُقَط الحروف المعجمة وامتيازها عن الحروف المهملة ، وذلك على يد يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم ، تلميذَي أبي الأسود الدؤلي (1) .
والسبب في ذلك : أنَّ الـمَوالي في هذا العهد قد كثروا ، وازدحم القُطر الإسلامي بأجانب عن اللغة العربية ، وكان منهم العلماء والقرّاء ، والعربية ليست لُغتهم ، فكان لابدّ أن يقع في تلفّظهم لحْن ، ومن ثمَّ كثُر التصحيف في القراءات ، وهالَ المسلمين ذلك .
حكى أبو أحمد العسكري (2) : أنَّ الناس غبروا يقرأون في مصحف عثمان نيّفاً وأربعين سنة إلى أيّام عبد الملك بن مروان ، ثمَّ كثُر التصحيف وانتشر بالعراق ، ففزع الحجّاج بن يوسف إلى كتّابه وسألهم أن يضعوا لهذه الحروف المشتبَهة علامات ، فيقال : إنَّ نصر بن عاصم قام بذلك فوضع النُقَط أفراداً وأزواجاً ، وخالف بين أماكنها ... (3) .
وقال الأستاذ الزرقاني : أوّل مَن نقَّط المصحف هو : يحيى بن يعمر ، ونصر بن عاصم ، تليمذا أبي الأسود الدؤلي (4) .
________________________
(1) دائرة معارف القرن العشرين : ج3 ، ص722 . مناهل العرفان : ج1 ، ص399 ـ 400 . تاريخ القرآن للزنجاني : ص68 .
(2) في كتاب التصحيف : ص13 .
(3) ابن خلّكان : ج2 ، ص32 في ترجمة الحجّاج .
(4) مناهل العرفان : ج1 ، ص399 .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد