سياحة ثقافية

من معالم المدينة أبيار علي


إنها يثرب، المدينة المنورة التي احتضنت الرسول محمد (ص) في هجرته الثانية من مكة، والتي تحوّلت إلى مركزه الديني والاقتصادي والعسكري، ومن هناك عاد ثانية إلى مكة، ودخلها فاتحًا بعد أن خرج منها هاربًا إلى يثرب. تضم المدينة المسجد النبويّ الشريف، ثاني القبلتين وثاني أهمّ مركز ديني للمسلمين في العالم، بعد الكعبة والحرم الشريف في مكة المكرمة، بالإضافة إلى العديد من المرافق السّياحية كمسجد قباء وجبل أحد وآبار علي وغيرهم... تتبع المدينة إلى أرض الحجاز التاريخية وهي تبعد ٤٠٠ كم عن مكة.


ميقات ذو حليفة
يتوقف الحجاج والمعتمرون المغادرون من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة لأداء مناسكهم بميقات أهل المدينة المنورة، وهو ميقات ذو الحليفة، وهو أحد المواقيت التي حددها الرسول (ص) لأهل المدينة والـمُحْرِمين من غير أهلها المارين بها، ويُعد أبعد المواقيت عن مكة، حيث يقع في الضاحية الشهيرة في أبيار علي، ويبعد عن المسجد النبوي قرابة 14 كيلومتراً. وبه مسجد الشجرة، وهو مسجد الميقات، وهو مصلى رسول الله (ص).
وعلى شرفه، وكونه أحد مواقيت الحرم المكي الشريف، وكونه من حرم المدينة المنورة التي حرّمها رسول الله صلّى الله عليه وآله سلّم بقوله: المدينة حرم ما بين عير إلى ثور الحديث، والعير جبل يقع في آبار علي بموازاة جبل أحد كما هو معروف، وكذلك لكونه من وادي العقيق المبارك، فكان معروفًا على عهد رسول الله (ص) بذي الحليفة.


تسمية آبار علي
ويسميه بعض العامة أبيار علي أو آبار علي، وهناك رأيان متناقضان للتسمية:
_ يعتقد البعض أنها سميت بذلك نسبة لعلي بن دينار. وعلي بن دينار هذا جاء إلى الميقات عام 1898م حاجاً، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة... ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار. وعلي بن دينار هذا، سلطان دارفور. تلك المنطقة التي كانت منذ عام 1898م وحتى عام 1917م سلطنة مسلمة، لها سلطان اسمه علي بن دينار.
_ أمّا الرّأي الثاني فيقول:  فقد ورد اسم المنطقة ونسبة التسمية إلى الإمام علي عليه السلام،  وقبل أن يولد الملك علي بن دينار بمئات السنين قام بحفر آبار عندما أقام في ذي الحليفة.
ويقول بدر الدين محمود العيني في كتابه عمدة القاري في في شرح صحيح البخاري: "فلما أتى ذا الحليفة أي : فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله سلم، المكان الذي يسمى ذا الحليفة، وهو ميقات أهل المدينة وهي التي تسمى: أبار على ، رضي الله تعالى عنه".
وتجدر الإشارة الى أنّ العيني ولد عام (1361 م) وتوفي في (1451 م) ، وهو ذكر أن عوام الناس يسمون المنطقة بهذا الاسم نسبة للإمام علي عليه السلام. أما ملك دارفور فقد جاء إلى الميقات عام 1898م ، أي بعد النص السابق بـ 450 سنة تقريباً، فكيف تكون التسمية باسم ملك داروفور؟
قال عبدالوهاب الشعراني الحنفي في كتابه العهود المحمدية ص60: "أخبرني شيخي الشيخ أمين الدين؛ إمام جامع الغمري وكان حاجًّا معهم : أن سيدي عبد القادر الدشطوطي لم يدخل الحرم المدني، وإنما ألقى خده على عتبة باب السلام من حين دخل الحج للزيارة حتى رحلوا وحملوه وهو مستغرق، فما أفاق إلا في مرحلة أبيار علي رضي الله عنه". هذا وتوفي الشعراني سنة 1565م.
 وممن صرح بنسبتها للإمام علي بن أبي طالب (ع) جمال الدين يوسف بن المجاور الشيباني  في كتابه: تاريخ المستبصر، وهو من علماء القرن السادس للهجرة المطهرة، حيث تحدث عن رحلته عام 626 من الهجرة الشريفة، فقال ما نصه: "وبئر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي بئر عظيم البناء، يروى الحاج منها".
نعم فالقوم لم تكن لهم راحة إلا بمحو كلّ مكرمة لأمير المؤمنين علي عليه السلام ، بل ومحو اسمه من ذاكرة التاريخ، وها هم يعودون مجدداً لسيرتهم الأولى...

مواقيت الصلاة