قرآنيات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد مصباح يزدي
عن الكاتب :
فيلسوف إسلامي شيعي، عضو مجلس خبراء القيادةrn مؤسس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي

تناسب الامتحان مع الممتحَن

 

الشيخ محمد تقي مصباح يزدي

في أوّل امتحان جرى في هذا العالم تمَّ قبول الملائكة جميًعا إلاّ إبليس فقد رُفض عندما قال:

" قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ"

 لقد قال إبليس: إنني أشرف من البشر وإنَّ أصل خلقتي أشرف لكوني خُلقت من النار؛ ولهذا فإنني أرفض الخضوع له. يقول أمير المؤمنين في سياق خطبته بعد ذلك:

«ولو أراد الله أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار ضياؤه ويبهر العقولَ رواؤه وطِيب يأخذ الأنفاس عَرفُه لفعل».

 

 فلو خلق الله آدم بهذه الصورة لسجد له حتى إبليس، ولكان من اليسير جدًّا على الملائكة أن يسجدوا لموجود بهذه العظمة وهذا الجلال والجمال والمحبوبية.

فإنَّ قيمة سجدة الملائكة تكمن في عدم قولهم: أين هذا المخلوق الترابي منا⁉

لأن سجودهم كان امتثالًا للأمر الإلهي. أما إبليس فقد تكبر وقال: "أنا خَيرٌ مِنه".

 لكن لو كان الله تعالى قد خلق آدم من مثل هذا النور لكان إبليس قد خضع له أيضًا؛ بید أنه ما كان ليتحقق الامتحان في تلك الحالة.

إذن فكثير مما نجهله في هذا العالم ينطوي على حِكم، لكننا لا نعلم أسباب كونها بهذا الشكل، وقد نعترض عليها في قلوبنا أو حتى بألسنتنا.

فإن الله في خلق آدم حِکمًا، فهو يعلم أنَّ خلقه من التراب يكون بمثابة امتحان للملائكة ولإبليس ليرى ما إذا كانوا على استعداد لتعفير جباههم في التراب أمام موجود ترابي.

 "ولو فعل لظلّت له الأعناق خاضعة ولخفَّت البلوى فيه على الملائكة" أي لو خلق الله آدم ما بهذه الصورة لخضعت له الأعناق كلها ولسهّل الامتحان على الملائكة كثيرًا ولما استحقوا عليه درجات عالية.

فسؤال خريج المرحلة الثانوية عن عمليات الحساب الأربع الأساسية لا يعد امتحانًا، فلا يكون الامتحان ذا معنى إلا إذا تناسبت صعوبته مع مستوى الممتحن.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة