من التاريخ

أسباب غزوة حنين

فكّر رئيس قبيلة هوازن مالك بن عوف أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله، بعد سيطرته على قبائل الجزيرة وانتصاره على اليهود وإجلائهم، لم يبقَ عليه صلّى الله عليه وآله، إلّا أن يهاجم قبائل نجد لإخضاعها، فبادر إلى تحشيد القبائل لحرب النبيّ صلّى الله عليه وآله قبل أن يحاربه!

وقَبض النبيّ صلّى الله عليه وآله في طريقه إلى فتح مكّة على عين لهوازن، أقرّ بأنهم يجمعون لحربه، فأمر بحبسه حتى لا يخبروهم بحركة النبيّ صلّى الله عليه وآله! (الصحيح من السيرة: 21/215(

وبعث إليهم النبيّ صلّى الله عليه وآله عبد الله بن أبي حدرد عيناً، فسمع ابن عوف، يقول: يا معشر هوازن إنّكم أحدُّ العرب وأعدُّها، وإنّ هذا الرجل لم يلقَ قوماً يصْدُقونه القتال، فإذا لقيتموه فاكسروا جفون سيوفكم واحملوا عليه حملة رجل واحد. فأتى ابن أبي حدرد رسول الله صلّى الله عليه وآله فأخبره». (إعلام الورى: 1/228)

وأكملت هوازن تحشيد قواتها واتّخذت مركز معسكرها وادي أوطاس، وهو شمال شرق مكّة، على بُعد بضعة وعشرين كلم من حُنين، قرب الضربية (ذات عرق) ميقات أهل العراق. ثمّ اتّفقوا مع ثقيف على حرب النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقدّموا مركز معسكرهم إلى وادي حنين بين الطائف ومكّة، ويُعرف اليوم بالشرائع.

تقدّمت نخبة قوات هوازن وثقيف وعسكرت في حُنين، وهدّدت المسلمين وأهل مكّة، فعطّلت الحجّ في تلك السنة، فقصدهم النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكانت المعركة فانهزم الثقفيون إلى الطائف، وهي تبعد نحو تسعين كم عن مكّة، وترتفع عن سطح البحر نحو 1300 متراً. ثمّ انهزمت قبائل هوازن إلى أوطاس القريبة.

أخْذُ النبيّ صلّى الله عليه وآله قريشاً معه إلى حرب هوازن

جاء في (مناقب آل أبي طالب: 1/180): «فات الحجُّ من فساد هوازن في وادي حنين! فخرج صلّى الله عليه وآله في ألفين من مكة، وعشرة آلاف كانوا معه».

ورووا أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله، أعلن موعدَ تجمّع جيشه في منى، في مكان مؤتمر قريش وكنانة لمقاطعة بني هاشم! قال صلّى الله عليه وآله: «منزلُنا غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر»! (صحيح البخاري: 5/92). وفي ذلك تخليدٌ للمكان، وتذكير لقريش بجرائمها بحقّ الإسلام وبني هاشم!

بقي صلّى الله عليه وآله في مكّة أسبوعين، وكان خروجه إلى حُنين يوم السبت السادس من شوال، ووصلها يوم الثلاثاء التاسع من شوال. (الصحيح من السيرة: 24/53)

وفي (إعلام الورى: 1/228): «ثمّ كانت غزوة حنين، وذلك أنّ هوازن جمعت له جمعاً كثيراً، فذُكِر لرسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ صفوان بن أميّة عنده مائة درع فسأله ذلك، فقال: أغصباً يا محمّد؟ قال: لا، ولكن عارية مضمونة.

قال: لا بأس بهذا، فأعطاه. فخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله في ألفين من مكّة وعشرة آلاف كانوا معه فقال أحد أصحابه: لن نُغلب اليوم من قلّة! فشقّ ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وآله، فأنزل الله سبحانه: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ..﴾ التوبة:25.

دريد بن الصمّة ينصح هوازن فلا يقبلون

في (إعلام الورى: 1/229): «قال الصادق عليه السلام: وكان مع هوازن دُرَيْد بن الصُّمَّة، خرجوا به شيخاً كبيراً يتيمنّون برأيه، فلمّا نزلوا بأوطاس، قال: نِعْمَ مجالُ الخيل لا حَزَنٌ ضِرْسٌ ولا سهلٌ دَهْس، ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير؟

قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وذراريهم.

قال: فأين مالك؟

فدُعي مالك له فأتاه، فقال: يا مالك، أصبحتَ رئيس قومك وإنّ هذا يوم كائن له ما بعده من الأيّام، ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير وثغاء الشاة؟

قال: أردتُ أن أجعل خلف كلّ رجل أهلَه وماله ليقاتل عنهم.

قال: ويحك لم تصنع شيئاً، قدّمتَ بيضة هوازن في نحور الخيل، وهل يَردّ وجهَ المنهزم شيء؟! إنّها إن كانت لك لم ينفعك إلّا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فُضحتَ في أهلك ومالك!

قال: إنّك قد كبرت وكبر عقلك!

فقال دريد: إن كنتُ قد كبرت فتورث غداً قومك ذلّاً بتقصير رأيك وعقلك، هذا يوم لم أشهده ولم أغِبْ عنه! ثمّ قال: حربٌ عَوَان! يا ليتني فيها جذع أخبُّ فيها وأضع»!

وفي (سيرة ابن هشام: 4/290)، أنّ ابن عوف قال: «والله لَتُطيعُنّني يا معشر هوازن أو لأتّكئنّ على هذا السيف حتى يخرجَ من ظهري! وكره أن يكون لدريد بن الصمّة فيها ذكرٌ أو رأي، فقالوا: أطعناك»!

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة