مقالات

فيما يجب أن تشعر به عند الوضوء والطهارة

 

الفيض الكاشاني 
إذا أتيتَ بالطهارة في مكانك وهو ظرفُكَ الأبعد، ثمّ في ثيابك وهو غلافك الأقرب، ثمّ في بشرتك وهو قشرك الأدنى فلا تغفل عن لُبّك الذي هو ذاتك وهو قلبك..
فاجتهدْ له تطهيراً بالتوبة والندم على ما فرّط، وتصميمِ العَزْمِ على الترك في المستقبل، فطهّر بها (التوبة والندم والعزم على الترك) باطنك فإنّه مَوقِعُ نَظَرِ معبودك...
ثمّ إذا سترتَ معايب بدنك عن أبصار الخلق باللباس، فأحْضِرْ ببالك فضايح سرّك التي لا يطّلعُ عليها إلّا ربّك، وطالب نفسَك بسترها وتحقّق أنّه لا يسترها عن عين الله ساتر..
وإنّما يُكفّرها الندم والحياء والخوف فتستفيد بإحضارها في قلبك انبعاث جنود الخوف والحياء من مكانها فتذلّ به نفسك وتستكين تحت الخجلة وتقوم بين يدي الله تعالى قيام العبد المجرم المسيء الآبق الذي نَدِمَ فرجع إلى مولاه ناكساً رأسه من الحياء والخوف...
وإذا لبِسْتَ ثوبك فاذكر ستر الله عليك ذنوبك برحمته، وألبِسْ باطنك بالصدق كما ألبستَ ظاهرك بثوبك، وليكُنْ باطنك في ستر الرهبة وظاهرك في ستر الطاعة..
واعتبر بفضل الله عزّ وجلّ حيث خلق أسباب اللباس لتستر العورات الظاهرة، وفتح أبواب التوبة والإنابة لتستر بها عورات الباطن من الذنوب وأخلاق السوء ولا تفضح أحداً حيث ستر الله عليك أعظم منه.
واشتغل بعيب نفسك واصفح عمّا لا يعنيك حاله وأمره، واحذر أن يفنى عمرك بعمل غيرك، ويتجر برأس مالك غيرك وتهلك نفسك، فإنّ نسيان الذنوب من أعظم عقوبة الله تعالى في العاجل، وأوفر أسباب العقوبة في الآجل.
وما دام العبد مشتغلاً بطاعة الله ومعرفة عيوب نفسه وترك ما يشين في دين الله فهو بمعزل من الآفات، خائضٌ في بحر رحمه الله، يفوز بجواهر الفوايد من الحكمة والبيان، وما دام ناسياً لذنوبه جاهلاً بعيوبه راجعاً إلى حوله وقوّته لا يفلح إذاً أبداً.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة