من التاريخ

نبأ استشهاد الزهراء (عليها السلام)

 

السيد عبد الله شبر
روي في (كشف الغمة) وغيره: أن فاطمة (عليها السلام) لما دنت وفاتها قالت لأسماء بنت عميس: ائتيني بماء حتى أتوضأ به.
وفي رواية أخرى: أنها اغتسلت أحسن غسل، وقالت: هاتي طيبي الذي أتطيب به، وهاتي ثيابي التي أصلي فيها.
قال: وقالت لأسماء: أن جبرئيل (عليه السلام) أتى النبي (صلى الله عليه وآله) لما حضرته الوفاة بكافور من الجنة، فقسمه أثلاثًا، ثلثًا لنفسه، وثلثًا لعلي، وثلثًا لي، وكان أربعين درهمًا، فقالت: يا أسماء، ائتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا فضعيه عند رأسي، فوضعته ثم تسجت بثوبها، وقالت: انتظريني هنيئة وادعيني فإن أجبتك وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي، فانتظرتها هنيئة، ثم نادتها فلم تجبها، فنادت: يا بنت محمد المصطفى، يا بنت أكرم من حملته النساء، يا بنت خير من وطئ الحصى، يا بنت من كان ربه قاب قوسين أو أدنى.


قال : فلم تجبها، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا، فوقعت عليها تقبلها وهي تقول: فاطمة، إذا قدمت على أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام،  فبينا هي كذلك إذ دخل الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقالا: يا أسماء ما ينيم أمنا في هذه الساعة؟، قالت: يا ابني رسول الله، ليست أمكما نائمة؛ قد فارقت الدنيا، فوقع عليها الحسن (عليه السلام) يقبلها مرة ويقول: يا أماه، كلميني قبل أن تفارق روحي بدني، قال: وأقبل الحسين (عليه السلام) يقبل رجلها ويقول : يا أماه أنا ابنك الحسين، كلميني قبل أن يتصدع قلبي فأموت، فقالت لهما أسماء: يا ابني رسول الله، انطلقا إلى أبيكما علي (عليه السلام) فأخبراه بموت أمكما، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهم جمع من الصحابة، فقالوا : ما يبكيكما يا ابني رسول الله لا أبكى الله أعينكما، لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما فبكيتما شوقًا إليه؟ فقالا: أو ليس قد ماتت أمنا فاطمة.
قال: فوقع علي (عليه السلام) على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد (صلى الله عليه وآله)، كنت بك أتعزى ففيم العزاء من بعدك، ثم قال (عليه السلام) :
لكل اجتماع من خليلين فرقة         
وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطمًا بعد أحمد          
دليل على أن لا يدوم خليل


وفي (روضة الواعظين) في تتمة الخبر المتقدم: فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخوا صرخة واحدة كادت المدينةأان تتزعزع من صراخهن وهن يقلن: يا سيدتنا، يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي (عليه السلام) وهو جالس، والحسن والحسين (عليهما السلام) بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهم، وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة وتجر ذيلها متجللة برداء عليها تحبسها وهي تقول: يا أبتاه، يا رسول الله، الآن حقًّا فقدناك فقدًا لا لقاء بعده أبدًا، واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجون وينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها، وخرج أبو ذر فقال: انصرفوا، فإن ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أخر إخراجها في هذه العشية، فقام الناس فانصرفوا، فلما أن هدأت العيون ومضى من الليل شطره أخرجها علي والحسن والحسين وعمار والمقداد وعقيل والزبير وأبو ذر وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواصه وصلوا عليها ودفنوها في جوف الليل، وسوى علي (عليه السلام) حواليها قبورًا مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها.
وقال بعضهم من الخواص: قبرها سوي مع الأرض مستويًا، فمسح مسحًا سواء مع الأرض حتى لا يعرف موضعه انتهى ما في الروضة.
وفي رواية أخرى في (المناقب): أنه (عليه السلام) رش ماء على أربعين قبرُا حتى يشتبه قبرها، وكل ذلك إنما فعله (عليه السلام) حتى لا يعرف أولئك موضع قبرها ولا يصلوا عليها، ولا يخطر ببالهم نبش قبرها (عليها السلام) .
ولهذا وقع الاختلاف في موضع قبرها (عليها السلام)، فقال بعضهم: إنها في البقيع حول قبور أئمة البقيع، وقال بعضهم: إنه بين قبر أبيها ومنبره لقوله (صلى الله عليه وآله): ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، والأصح أنها مدفونة في بيتها كما دلت عليه الروايات الصحيحة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة