من التاريخ

نبي الله أرميا عليه السلام


الشيخ عبد الحسين الشبستري ..
هو أرميا، وقيل: أرمياء، وقيل: يرميا، وقيل: يرميه، وقيل: رميا بن حليقا، وقيل: حزقيا من سبط ابن نبي الله يعقوب عليه السلام، وقيل من سبط هارون بن عمران أخي موسى بن عمران عليه السلام.
أحد أنبياء بني إسرائيل  بعد شيعا عليه السلام، وهناك من وحده مع نبي الله عزير عليه السلام ونبي الله الخضر عليه السلام، وقيل: إن الخضر لقب من ألقابه. كان مؤمنًا، صالحًا، ورعًا، زاهدًا، قديسًا، كثير البكاء من خشية الله، فعرف بالبكاء.
بعثه الله إلى  بني إسرائيل  بعد أن عصوا الله، وأظهروا المعاصي، وقتلوا الأنبياء والصلحاء؛ ليهديهم ويرشدهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحذرهم غضب الجبار، فوقف بكل حزم أمام شركهم ومظالمهم الاجتماعية، فكانت مدة خدمته 41 سنة، قابلوه بالعصيان والتمرد والتكذيب، ثم ألقوا القبض غليه وسجنوه، وذلك في عهد ملكهم صدقيا، وبعد أن مكث في السجن عشر سنين أرسل الله عليهم نبوخذ نصر وجحافل عساكره، فنزل في أراضيهم، وبطش بهم، وقتل منهم جمعا غفيرًا، وخرب ديارهم، وسبى الآلاف منهم، ثم أمر بهدم بيت المقدس، وأسر صدقيا الملك، وأصدر أمرًا بإلقاء القاذورات والجيف في معابدهم.

ولما علم نبوخذ نصر بتولد المترجم له في أحد سجون بني إسرائيل ، وكونه من الأنبياء الذين أرسلهم الله إليهم ليرشدهم ويهديهم طريق الحق والصواب، ولكنهم كذبوه وعذبوه ثم حبسوه، فأمر بإطلاق سراحه من السجن، وأحضره لديه وقال له: أكنت تحذر قومك ما أصابهم؟ فقال أرميا عليه السلام: نعم، فإن الله أرسلني إليهم فكذبوني، قال نبوخذ نصر: كذبوك وضربوك وسجنوك؟ قال عليه السلام: نعم، قال نبوخذ نصر: بئس القوم قوم كذبوا نبيهم، وكذبوا رسالة ربهم، ثم خيره بين المجيء معه أو البقاء في فلسطين، ففضل أرميا عليه السلام البقاء في بلاده، فتركه بعد أن أحسن إليه.
وبعد رحيل نبوخذ نصر عن بيت المقدس اجتمع إلى  المترجم له من بقي من ضعفاء بني إسرائيل  فقالوا: نحن قد أسأنا وظلمنا، ونحن نتوب إلى  الله مما صنعنا، فادع الله أن يقبل توبتنا، فدعا أرميا عليه السلام ربه، فأوحى الله إليه أنه غير قابل توبتهم، فإن كانوا صادقين في أقوالهم فليقيموا معك في بيت المقدس، فأخبر قومه بما أمره الله به، فقالوا: لا نقيم بهذه البلدة المخربة التي غضب الله على أهلها.
أمر الله المترجم له بأن يأتي إلى مكة ويخرج منها معد بن عدنان لكيلا تصيبه النقمة، فأخرجه وهو شاب، وأتى به إلى  حران، فلما انصرف نبوخذ نصر عن العرب رده إلى  مكة المكرمة.

وكان قد تنبأ لبني إسرائيل بسقوط أورشليم وخرابها وتدمير هيكل سليمان عليه السلام، فدعاهم للخضوع والإذعان لنبوخذ نصر فكذبوه واضطهدوه.
 ويقال: إنه خاف في أول الأمر من نبوخذ نصر عندما هجم على بيت المقدس، فأخذ تابوت السكينة وخبأه في مغارة؛ خوفًا من أن يقضي عليه نبوخذ نصر وجنوده.
عاصر من ملوك بني إسرائيل كلا من يوشيا، ويواحاز، ويهوياقيم، وصدقيا، وعاصر الملك الفارسي لهراسب.
كان أكثر الناس تصديقًا وإخلاصًا إليه تلميذه اليمني باروخ بن نريا الكاتب، وتتلمذ عليه زرادشت، ثم قام زرادشت بعمل أغضب فيه المترجم له، فدعا عليه فبرص، فعند ذاك فارق أستاذه واخترع دين المجوسية أو الديانة الزرادشتية.

ويقال: إن أرميا عليه السلام انتقل إلى مصر فألقى اليهود القبض عليه وسجنوه في بئر، ثم أخرجوه ورجموه حتى استشهد، فدفنوه في مصر، وفي عهد الإسكندر نقل تابوته إلى الاسكندرية ودفنوه بها، ويقال: إنه رجع من مصر إلى  بيت المقدس وعاش فيها 300 سنة ثم توفي.
ينسب إليه سفر يدعى "سفر أرميا" وله رسالة مطولة ضد عبادة الأوثان في بابل، وينسب إليه المزمور الثاني والعشرون المنسوب لنبي الله داود عليه السلام، وينسبون إليه ثلاثين مزمورًا.
وله مراث في خراب ودمار أورشليم تعرف ب"مراثي أرميا" أو "سفر المراثي".
توفي حدود سنة 586 قبل الميلاد، وقيل: حوالي سنة 570 قبل الميلاد، وكانت ولادته بمدينة عثاتوث حدود سنة 626 قبل الميلاد، وقيل: حدود سنة 650 قبل الميلاد، وقيل: حدود سنة 640 قبل الميلاد.
القرآن الكريم وأرميا عليه السلام

أوحى الله إليه، أن اخرج إلى  بيت المقدس إني عامرها، فخرج إليها فرآها خرابًا، فقال: متى يعمرها الله ومتى يحييها بعد أن خربت ومات أهلها فوضع رأسه ونام، فمكث في نومه سبعين عامًا ثم استيقظ -وكان نبوخذ نصر مات- فرأى المدينة قد عمرت، وسكنها الناس، ثم أنامه الله حتى مكث في نومه مائة عام، ثم بعثه الله وهو يظن أنه ما نام أكثر من ساعة، فقال: أعلم أن الله على كل شيء قدير، فنزلت فيه، وقيل في غيره الآية 259 من سورة البقرة: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة