سياحة ثقافية

عين عذاري: تسقي البعيد وتترك القريب


وأنت في طريقك إلى عين عذاري الّتي تقع في منطقة الزّنج في وسط البحرين، ترافقك أشجار النّخيل صاحبة البلح الأصفر من الجهتين اليمنى واليسرى، لأكثر من 2 كيلو متر، إلى أن تصل إلى هذه العين الشهيرة.
هذه الأشجار الّتي سقيت من هذه العين، الّتي تعد الأقدم في البحرين وحتّى في العالم العربي، ذكرت في كتب الرّحالة منذ حوالي 800 سنة.


أهميّة عين عذاري
امتازت عين عذاري منذ القدم عن سائر عيون البحرين بكونها تمتلك خاصية فريدة من نوعها، وهذه الخاصية تجسدت في كونها تسقي بمائها العذب المناطق البعيدة، بينما تـتـضور المناطق القريبة عطشاً وجفافاً، حتى ضرب المثل الشهير، والذي ما زال يتردد على ألسن الناس وهو: "عذاري تسقي البعيد وتترك القريب"، إذ يُقال إنه توجد بالقرب منها مجموعة من النخيل لا يصل إليها ماء هذه العين، في حين أنها تسقي النخيل والبساتين البعيدة.


تسميتها نسبة إلى أسطورة
وقد دارت حولها عديد من الأساطير التي تحكي قصصًا ورويات منها:
أنّ فتاة جميلة خرجت لتعبر تلك المنطقة، وبينما هي في طريقها، خرج لها فارس ملثم أصر على الاعتداء عليها، فرفعت كفها إلى السماء تستنجد بربها، وضربت برجلها الأرض بقوة فأحدثت فتحة في الأرض سقطت فيها وخرج من خلال هذه الفتحة ماء عذب.
أما الأسطورة الثانية فتقول إن هناك فتاة رائعة هي أجمل عذارى البحرين، وذات صباح خرجت تستروح النسيم الندي، فإذا بالأرض تنشق أمامها عن فارس جميل الطلعة، اقترب منها وهو يتودد إليها، وحين صدته، أعلن لها أنه إنما جاء ليتخذها لنفسه زوجة، وسخرت الفتاة منه وهي تقول: "كيف تتزوجني وأنا مخطوبة لفتى أحبه وأهواه ولن أقبل عنه بديلا؟"، ولكن الفارس الذي لم يصدقها، طلب منها أن تضرب الأرض بقدميها فإذا تفجرت المياه تحت أقدامها، تأكد من صدقها ورحل عنها، ودقت العذراء الأرض بقدمها، فإذا بالأرض تنفجر، ويندفع منها الماء في غزارة ليغطي سطح المكان، وليستمر تفجره فلا يتوفف أبدًا، ومنذ ذلك الحين سميت العين: عين عذاري.


موقعها الجغرافي ومميزاتها
تمثل هذه العين التراثية المعنى الاجتماعي والحضاري والبيئي في البحرين. تقع العين على شارع الشيخ سلمان، جنوب طشان وغرب السهلة الجنوبية، وتحدها قرية الخميس من الشّرق، ويفصل شارع الشيخ عيسى بن سلمان أطرافها الجنوبية عن قرية توبلي الواقعة في أقصى شمال شرق المحافظة الوسطى.
لم تكن نبع ماء عاديًا، بل كانت مصدرًا مهمًّا لتزويد مناطق البحرين البعيدة بالمياه العذبة، وكانت بيئة طبيعية مكسوة بجمال النخيل والأشجار الكثيفة والمختلفة الأنواع، وشكلت مأوى لأنواع مختلفة من الطيور المقيمة والمهاجرة التي استوطنتها، وكثرت في مجاريها المائية أنواع البرمائيات التي من أهمها الضفادع والسلاحف المعروفة بـ"السلاحف القزوينية".
تبلغ غزارة المياه في وسط العين 3.5 م وعند الأطراف 2 م ويتفرّع منها نهر صغير يروي الأراضي المجاورة حيث تتراوح  الغزارة ما بين 0.3 م وال 0.5 م.


عين عذاري اليوم
يطلق اليوم على هذا المعلم اسم منتزه عذاري، ولحظة الوصول تصادفك بوابة منتزه عذاري الضخمة، تحتوي على ممر واسع طوله يبلغ حوالي 200 متر أو أكثر، حتى الوصول إلى باحة الملاهي وسط المنتزه. يضم المرفق السّياحي اليوم بعض المجسمات الّتي تحكي بعض المعالم العمرانية الحديثة لمنطقة الخليج العربي. أمّا مساحة المنتزه  فهي كبيرة جداً، وهناك العديد من المساحات المفتوحة والحدائق العشبية الكبيرة، بالإضافة إلى وجود بحيرتين، الأولى بحيرة ضخمة في وسط المنتزه، تم استغلالها سواء من حيث الألعاب المائية المصاحبة أو من خلال الجلوس على ضفاف هذي البحيرة. أما البحيرة الثانية فتقع إلى اليسار من البوابة من الرئيسية.

لاقى هذا التّجديد اللّافت لهذا المرفق السّياحي التّراثي ترحيبًا واسعًا من قبل اهالي المنطقة والسّياح الوافدين إليها،  كما أنّه دفع بعجلة اقتصادها إلى الأمام. وهذه خطوة إيجابيّة للمحافظة على هذه العين العذبة كمزار سياحي لكل من أراد التّعرّف إلى هويّة وتاريخ هذه المنطقة .
وما زالت هذه العين تتدفق بماء عذب يروي عطش الأيام حتّى يومنا هذا.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

مواقيت الصلاة